بإسـم من تُشْرَحُ الصُّدُور بـ بإسمه, و تطمئن القلوب بـ ذكره
ابتدأ بـ حديثٍ عن عبادة, ليسَ كـ مثلها عبادة, تركها كبيرة, و آدائها سعادة
يتوهَّج القلب سعادة , و ناظريّ المؤمن لا تَشُعُّ إلاَّ بـ نورٍ وضَّاء
منبعه " قلبه المطمئن بـ ذكر الله ", و " إيمانه الذي في داخله يتوقَّد ولا يزال"
تسري في روحهُ " راحةٌ ليسَ لها مثيـل " حين يستقبل قبلةً غالية
يذكر " الربَّ " فيها, فـ لا يزال هوَ في فُسْحَةٍ من دينه و سِعَة
ما دامت صلاته سر سعادته
هي مناجاة الغارقين في بحار المعاصي و ظلمة الذنوب
من تقاذفتهم الهموم تِبَاعاً في مستنقعات الضيق
فـ انتفض و فَزِع لـ الصلاة, و ذكر رَبَّهُ و اطمئن قلبه
راكناً هَمَّهُ و دنياه جانباً, مستقبلاً قبلةً إن وجَّه قلبه إليها قبل وجهِهِ سيفلح
من وجَّهَ وجهه إلى الله فـ لا بأس عليه ولا متاعب
قد تضيق النفس, و تدمع العين, و تتألم الروح, و كل ذلك بـ قدر البعد عن الصلاة
من عَرِفَ الصـلاة حق المعرفـة, فـ لن يتركها
ستكون لهُ هناءً, و ماءًا بارداً في صيف أيامه
ستكون لهُ دفئاً في شتاء أقداره, ستكون شمساً, تَظُلُّه و تدفئه
إن هو تألَّم
صــلاتك تبتديها بـ ( الله أكبـر ), و ختامها سلامٌ من الله
كـ أنَّكَ بين ذاكَ و ذاك, كـ مِثْلِ روحٍ طائرةٍ للسماء
لا يُعَكِّر صفو انشراحها, ازعاج البشر, و لا ثرثرات بني آدم
و أجوائهم التي و إن صاحبها ضَحِكَات, فـ لن يعقب ضحكاً كان في غير موضعٍ يرضاه الإله, إلاَّ زيادةً في ضيق !
لا موسع له سوى في الصــلاة
كانت قُرَّة عين الحبيب المصطفى, كان إذا فزعه أمر صلَّى
كان يقول : ( ارحنا بها يا بلال )
أمَّا في وقتنا الحاضر, كأنَّ الموازين انقلبت و كأن لسان حال شبابنا يقول
( ارحنا منها يا بلال )
من لم تكن صلاته سعادةً له و انشراحاً و راحـة
و اطمئناناً في النفس و سكينةً و طمأنينة !
فـ لن يفلح و ربٌّ جعل في قلوب المؤمنين نورٌ
لا يضيء سوى بالصلاة و ذكره .
لن يفلح و اللهِ قلبٌ لا يطمئن في صلاته, و لا ينشرح بها صدره
من عَرِفَ الصلاة حق المعرفة, و تمعَّن في حركاتها و أركانها
فـ إنَّهُ سيعرف حينها, أنَّ بـ كل حركةٍ و سكنة لهُ فائدةٌ عظمى
فائدةً صحيَّة
فائدةً نفسيَّة
فائدةً روحيـَّة
فوائد تلو فوائـد, لن يحصل عليها سوى من نَطَقَ : لا إله إلاَّ الله
نابعةً من قلبه, خالصةً لـ وجه ربِّه .
عارفاً حقَّ الله عليه, مواظباً على صلاته, متدبِّراً لما يقول الله في آياته
في داخله يقين, أنَّ الدنيا لا تتجمَّـل إلاَّ في عينيِّ المؤمن
حين يعلم يقيناً أنَّ حياةً لا تحتويها صلاة, كـابــوسٌ مخيف
مظلمٌ شاحب, تملئها ضيقاتٌ و مصائب, يتوالى عليهِ الضيق تلو الضيق
فـ إن لم يتدارك خطورة ما هو فيه, فـ لن يصحو إلاَّ و قد شانت الدنيا في عينيه !
ستضيق بهِ الدنيا و تضيق, حتـَّى كأنَّ روحهُ تصَّعَّدُ في السماء
ما من شك, في أنَّ حياة غير المصلِّي لله صلاةً كاملةً خاشعة .
ستكون من ضيقٍ في مضيق .
ألا يكفي قول العزيز - تبارك و تعالى - :
( و من أعرض عن ذكري فـ إنَّ لهُ معيشةً ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى, قال ربي لم حشرتني أعمى و قد كنتُ بصيراً, قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى ).. !!
ضنك معيشة, عمى بصر و بصيرة, لن يهنئ آدمي مخلوقٌ بـ ضعف
على تحمُّلِها .
فـ كيف شأنك يا تارك الصــلاة .. ؟!
اسأل عن حياة من جعل حياته لله, و أدَّى صلاتهُ كااامـلة
لـ وجه من فطر السماوات و الأرض
اسأل المتَّقين عن سر ابتساماتهم و عذوبة أحاديثهم
و انشراح صدورهم
اسأل الطائعين عن نور قلوبهم, عن سعادة ارواحهم
و طمأنينة افئدتهم
أسأل المصلِّين عن سر كل ما يشعرون به من فرح و راحة
حتـَّى حين تتقاذفهم الهموم و الإبتلاءات من الله
فـ إنهم يعلمون أن البلاء للمؤمن تحميصٌ لـ ذنوبه
حتـَّى يلقى الله و ما عليه من ذنب
أسألهم عن نور أعينهم, عن صفاء ارواحهم
اعلم يقيناً يا من لم تعرف بعد قيمة الصلاة, أنَّ سعادتك
مفتاحها صـلاتك
إن عملت من الصالحات ما عملت, صدقت و زكَّيت و صمت
و اعتمرت و حجَّيت, و ذكرت الله ليلاً نهاراً سراً جهاراً
لن يعدل صلاةً تصلِّيها للحي القيــوم
صلاتك, التي إن صَلُحَت, صَلُحَ سائر عملك
و إن فسدت, فَسُدَ سائر عملك
لن تكفيك أعمالك الصالحات, إن تقم عماد الدين و أساسه
دعينا يا أختي من كل ذلك
و تقدَّمـي معـي نحو عالمٍ آخــر, في عزِّ همومنا و ضيق صدورنا
لن نجد الإنشراح أبداً في غير وضوءٍ كامل, يعقبه صلاةً تشرح الصدر
إنَّكِ لستِ فقط, ستؤدين واجباً و عبادة, قد اتخذها الغالبية عادة
ينقرها نقر الغراب للدم, لا يتم ركوعها ولا سجودها
لا تمضي سوى دقيقة على صلاته
حتـَّى نراه قد سلَّم, ما إن يقول ( الله أكبــر ), إلاَّ و يقول :
( السلام عليكم و رحمة الله, السلام عليكم و رحمة الله ) !
ما ذاكَ و اللهِ بـ فالح .. !!
حين تأخذنا الدنيا, و همومها, و أفكارنا بـ المستقبل
و ما نواجهه من حياةٍ تمرُّ بنا, سهلةٌ و صعبة
يستحوذ التفكير الجزء الأكبر من يومنا
و لا نؤدي الصـلاة كما ينبغي
ربما البعض يؤدي صلاته لـ يرتاح منها, و ما المرتاح فيها إلا قليل
إن تزايدت همومه, لا يعــي أنَّ زوالها في صلاةٍ تقام لوجه الله - سبحانه -
صلاتـك, ليست ركوع و سجود بلا روح
أو ركوعٌ و سجود, و القلب غافلٍ لاه
إن كان العبد كذلك, فـ لن يشعر حقاً بـ معنى الصــلاة
هي صلة بين العبد و ربِّه
انظر أيا قلباً وعيتَ أن الصلاةَ عمادُ الدين, فـ ما أدتيها حق الأداة
انـظر لـ وجه من يصلِّي الليل في هدوءٍ و سكينة
يخاف الله و يخشاه, يتم الركوع و السجود
اتستغرب حينَ تجده منشرح الصدر, هادئ البال .. !!
لا تقل ليتني مثله, بل اسأل الله توفيقاً و هداية
لا تقل أين السعادة .. ؟!
بل اسعـى للسعادة بـ صلاتـك, فـ هي مفتاحها و أساسها
اعلمي قبل أن انهي حديثي عن هذه العبادة الجليلة
الطيِّبة العظيمة, أن قلوبَ المؤمنين لا تَسْكُن ولا ترتاح
ولا تسعد و تطمأن و تنشرح
إلا بـ الصــلاة
إن احسنت آدائها, سيحسن الله امورك و ييسِّرها
و إن لم تُحسن, فـ لا تيسير, ولا سعادة
بـل بـ حسن الصلاة, تلقى السَّعَد
و بـ بلا إحسانٍ, ما تلقى إلاَّ النَّكَد
فـ لأيُّهما يسعـى قلبك .. !!
أسباب الخشــوع في الصــلاة
أسبـاب خشوعك في الصلاة
هي تجرُّدك من الدنيا, و انتزاعها من قلبك
انتــزع همومك و غمومك, من داخل فؤادك
و القها أمام الله في سجــودك
حين تعلم أنَّكَ واقفٌ أمامَ جبَّـارٍ عليــم
ذو الجلال و الإكرام, خالق الأنام, ربٌّ لا ينام
سميعٌ عليم, للعالمين غفورٌ رحيــم
فـ إنَّكَ لو كنت ذا إيمانٍ حَقْ, لـ ارتجفت اضلاعك
و لـ اهتزَّ بـ الوَجَلِ قلبك
هل صـلاتـي أمام هذا الربُّ الجليل سـ تُقبل .. !!
احمل هَمَّ صلاتـك, لا تحمل هم اجابتك لدعائك
أو همومك في دنياك و مشاغلك و اتعابك
كُن عبداً عالماً بـ الله عابداً بـ عِلمٍ و مَحَبَّة, و خوفٌ و وَجل من الله
إن لم تعي و تُدْرِك, ما الصـلاة .. !!
فـ لن تعي بعدها أيَّ عِلْمٍ نافع
و لو كسبت من العلم ما كسبت, سيبقى الجهل لاحقك
بل قف, مُنْتَصِب, خاضعاً, ذليلاً, محتاجاً
أمام من فطر السماوات العُلا, و رفعها بلا عَمْد
أمام من خلقك و خلق العالمين أجمـع
فـ لم يتركك طرفة عيـن, و لم يجعلك في يوم
في حاجةٍ إلى غيره
رَعَاك و حَمَاك, و أسعدك, و لم يجعل لكَ ضيق
إلاَّ و أعقبه فرجٌ و توفيق
حين تضيق, و يزداد الضيق
فـ لا فرجٌ و لا توفيق, ولا ابتسامةٌ نابعة من خفوق
فـ افزع إلى صلاتـك
حين تزداد آالامك, و تتكاثر همومك و أوهامك
دع الدنيا خلفك, و افزع للصلاة
لا تركن لـ شيطانٍ ساعٍ لـ ضيقك بأي شكل
ساعٍ لأن يلهيك عن سعادةٍ مكنونة في الصلاة
سرها لا يعلمها بعد الله غير الخاشعين
لها معانيٍ و أسرار, فيها انشراحٌ في الصدور
فيها سرورٌ و حبورٌ, من ربٍّ غفور
لستُ بـ غافلةٍ عن أهميتها, و عن علمك بها
لكنـي مدركةٌ أنك بعدٌ لم تعي أسرار الصلاة
لا تؤدي صلاتك كـ أنها عادةٌ لازمٌ عليك آدائها فقط
بل اجعليها سعادةً تتشوقين لها في كل لحظة
اجعليها فسحةً لك, تخرجي إليها من الدنيا و ما تلاقيه فيها
لـ تخرجي منها منشرحة الصدر سعيدة الروح
خشوعك, لا يمكن إلاَّ حين علمك بـ الله
و بعظمة من تقفي أمامه
فـ إن علمتي, و أديتي صلاتـك بـ روحٍ خاشعةٍ عالمة
فـ فلاحٌ و انشراح
صـلاتك هي سر سعادتك, إن صَلُحَت صلحت حياتك
و إن فَسَدَت, فَسَدَت حيــاتك
فـ ابني حياتـك, بـ صلاتــك
قلي بالله عليك شيئاً هو أساس البيت و يفكر أهل البيت بترك الأساس وترميمة ,
فأتي طارقاً لهم و قال : مالي أراكم تفكرون بترك ترميم الأساس فردوه بقولاً قبيح ؛
فتعجب منهم و غادر و كثر الطارقون لهم فقال أبن لهم صغير : ما بال الناس يكثرون
طرق الأبواب و النصح و التوجية هذه الأيام ..؟!
فردة الأم مراراً و أخيراً قالت له : بني كثر سؤالك و صدق يأتيك فالبناء
لابد من أساس فمن دونه ينهدم البناء فمثلنا يا بني مثل الصلاة
و هذا من نصائح ترميم البناء . . !